جمهور المسرح يصوِّت للبرغوثي الذي سينتظر مع البريكي والسعدي وقراطاس رأي المشاهدين الذين صوتوا للتميمي.
بنسبة 47.5% من الـ 50%، المخصصة للجنة التحكيم، يتأهل الشاعر جاسم
الصحيح (من السعودية) للانتقال من الحلقة الثامنة المذاعة الجمعة إلى
المرحلة الجديدة من مسابقة «أمير الشعراء» التي يعدها وينظمها هيئة أبوظبي
للثقافة والتراث، وينفذها شركة بيراميديا، وتذاع على قناة أبوظبي، وقناة
أمير الشعراء، وإذاعة الإمارات إف إم.
وقد صوَّت جمهور مسرح شاطئ الراحة بأبوظبي في الحلقة نفسها للشاعر تميم
البرغوثي (من فلسطين) بنسبة 66% ولكن يظل مع زملائه الشعراء: محمد قراطاس،
وهاجر البريكي، وهدى السعدي، في انتظار تصويت جمهور المشاهدين من خلال
الرسائل القصيرة إس إم إس، لينضم الفائز منهم إلى الخمسة الآخرين في حلقة
الجمعة القادمة، وهي الحلقة قبل النهائية لإعلان أمير شعراء المسابقة
وتتويجه مساء الجمعة 7/9/2007.
حازم التميمي يلحق بدائرة الستةوكان
لجمهور المشاهدين الفضل في تصعيد الشاعر حازم رشك التميمي (من العراق)
الذي ظل منتظرا طوال الأسبوع من زملائه: الشيخ أبو شجة (من موريتانيا)
الذي سبق أن صوت جمهور المسرح له في الجمعة الماضية، وحنين عمر (من
الجزائر) وياسر الأطرش (من سوريا)، ولكن الجمهور الأوسع انتشارا في الوطن
العربي وخارجه، قال كلمته النهائية في اختيار التميمي، لينضم إلى زملائه،
الذين تأهلوا في الحلقتين السابقتين، للمرحلة الجديدة وهم: محمد ولد
الطالب (من موريتانيا) وروضة الحاج (من السودان) وعبدالكريم معتوق (من
الإمارات) وجاسم الصحيح (من السعودية) الذي تأهل في الحلقة الأخيرة.
الهلال من مقام عراقكان
تميم البرغوثي أول شعراء الأمسية لقاءً مع لجنة التحكيم وجمهور مسرح شاطئ
الراحة، فألقى جزءا هو «الهلال» من قصيدة طويلة بعنوان «مقام عراق»، قال
عنه د. صلاح فضل إنه مقام عراق وقامة شاعر يطاول البياتي والسياب، وأن
تميم يقدم شرارة من حريق يتحقق في شعره، وأن الشاعر نجح في المزج بين
العمودي والتفعيلي في نسق موسيقي جميل، وأنه ينتقل من لحظة الخطابة
المتأججة إلى لحظة الوجد والصبابة.
وأضاف د. صلاح فضل أن هذا الهلال ينتقل بالوصف إلى بؤرة التكثيف الشعري
والإنساني. وأن ترجمة هذه القصيدة إلى أي لغة يجعلها تحتفظ بوهجها الشعري،
وهذه علامة العبقرية.
أما د. علي بن تميم، فقد قال إن في هذه القصيدة يتحول الهلال إلى شاهد
وليس مشهودا، إلى ناظر وليس منظورا، وأشار إلى أن النص يعتمد على تهجين
الأشكال الشعرية، فيستضيف العمودي والتفعيلي، ويستضيف أيضا التوشيح
والتخميس.
ويذكر علي بن تميم أن الشاعر وقع في بعض الهنات العروضية التي لا يستسيغها. وأنه يستدعي أقوالا من أبي العلاء المعري وابن الرومي.
د. عبدالملك مرتاض أشار إلى أن تميم البرغوثي قاص في صورة شاعر، فدائما
يعمد إلى السرد في نصه الشعري، ويقوم النص على تدوير فني، فتنتهي القصيدة
بمثل ما بدأت به. ويشير مرتاض إلى بعض الهنات النحوية وبعض النثرية والحشو
وغير ذلك، فضلا عن بعض الهنات العروضية وهي ملاحظات لا تنقص فتيلا من
القصيدة التي اتحفنا بها الشاعر، على حد قوله.
الفنان غسان مسعود أشار إلى قول الشاعر «كفوا لسان المراثي إنها ترفُ»
ونبه على أن الشاعر يدخل في المعادلة الصعبة وينجح، وهي معادلة المتعة
والفائدة والناقد والجمهور.
نايف الرشدان قال حسب الشاعر أن يصل إلى مستوى عال في القصيدة، ولكنه
يستغرب كذلك بعض الهنات التي وقع فيها الشاعر، ويشير إلى أن هذه الملاحظات
لا تعني التقليل من حجم النص
نريد وطنا لا يضيق بالحقيقةجاسم الصحيح
ثم صعد الشاعر جاسم الصحيح (من السعودية) إلى خشبة مسرح شاطئ الراحة،
فأنشد قصيدة مهداة إلى وطنه، ومن وطنه إلى كل الأوطان. قال عنها د. علي بن
تميم «جميل هذا البوح»، ثم أشار إلى أن الشاعر يقدم مفهوما جميلا للوطن
يتجاوز الفضاء الأحادي إلى فضاء مفتوح لكل الإنسانية، وأن كل بيت في
القصيدة يتضمن صورة جميلة.
د. عبدالملك مرتاض أشار إلى أن النص من النوع السهل الممتنع، وأن
الشاعر قدم قصيدة جميلة رائعة، تقع في 49 بيتا تحمل عاطفة جميلة كريمة هي
عاطفة الوطن، كما أن هناك إشارات إلى التحول الحضاري الذي يعيشه الوطن.
غسان مسعود أشار إلى بوح الشاعر الذي يكمن وراءه بوح آخر، وقال للشاعر
«أشعر أن صوتك مجروح ومحبوس، وأنت تقدم مفهوما جميلا للوطن، ونحن نريد
وطنا لا يضيق بالحقيقة.»
نايف الرشدان أشار إلى جمال التصوير ودقة الوصف، فالعلاقة أوضح وأقرب.
وأضاف إذا فقد المرء وطنه في قلبه فقد مروءته، وقال عن النص «إنه نص فارق
يدل على هذه الموهبة الوقادة التي لدى الشاعر.»
د. صلاح فضل قال للصحيح «دلِّلْ وطنك، وتتدلل بشعرك.»، وأضاف قائلا
«أنت تمثل رسالة العصر واستشراف المستقبل، ولديك صور بديعة جدا، وقدمت
أصدق تعريف للوطن في الشعر المعاصر، وهو مدى حرية أبنائه، وحرية مبدعيه.»
سماء ثانية لذاكرة حرةبعد
ذلك أنشد الشاعر محمد قراطاس المهري قصيدته «سماء ثانية لذاكرة حرة»، على
أثرها قال د. عبدالملك مرتاض «إنها ليلة تغري الشعراء بمعالجة تيمة
الوطن.»، وأشار إلى بعض الهنات النحوية واللغوية البسيطة.
أما غسان مسعود فقال للشاعر «واضح أن في ذاكرتك أطلالا مرة، كنت أنت فيها، لذا أنت في طريق البحث عن صوتك.»
وقال نايف رشدان للشاعر «خطابك الشعري في ظاهره يتجه إلى الوطن، وكان
قائما بعلاقته، وفيه من الغموض، وفيه من الوضوح، ما يجعلنا نحار في شعرك.»
د. صلاح فضل قال إن القصيدة تقوم على تجربة أصيلة، يلتقط الشاعر
المشاهد ليشعل المشاعر. وأشار إلى ختام القصيدة قائلا للشاعر «إن الختام
مثير للفضول، لماذا يهرب وجه الأب منك في نهاية القصيدة.»
د. علي بن تميم قال «إن الشاعر يبحث عن الوطن من أجل تجاوز اليقين،
والأب يظهر في نصوص كثيرة من الأدب العربي، والنص يتعالى على القارئ
تعاليا كبيرا، وهناك عبثية في استخدام اللغة.»، وأشار إلى أن الشاعر يفصل
نفسه عن المتلقي.
تاج يمر على المدينةالشاعرة
هاجر البريكي (من سلطنة عمان) قرأت قصيدة بعنوان «تاج يمر على المدينة»
قال عنها الفنان غسان مسعود «إن صوتك فيه حذر وقلق، وانتقلتِ من الأنا
المفردة إلى أنا المتكلمين.»، ونبه الشاعرة إلى ضرورة حذف إشارات
الاستفهام.
نايف الرشدان قال عن القصيدة إنها تحفل بالتراكيب وتوظف المفردات والصور في أجمل حلة، وتستحضر التراث.
د. صلاح فضل قال للشاعرة «شعرك متقن وجميل، ولديك بعض الصياغات الجميلة، واستخدامك للتراث استخدام جميل.»
أما د. علي بن تميم فقد أشار إلى أن القلق واضح في هذا النص، وصوت
الشاعرة يسعى إلى صياغة حكاياتها الخاصة، ولكن الآخر الغريب يسكتها، ويقول
لها: كفى. ويضيف يظل صوت الشاعرة متحفزا، وهي مازالت تحاول صياغة حكاياتها
الخاصة أو حكاية المرأة بعامة.
د. عبدالملك مرتاض قال للشاعرة «نص قلق نهشتِ به نفسك، ونهشتنا به معك،
ونهشتِ مدينتك أيضا.»، وأضاف «تناولتِ قيمة عظيمة يوشك الفساد أن يلم
عليها، ولغتك المعجمية لغة رقيقة وجذلة في الوقت ذاته، وصورك مضمخة
بالشعرية.»، وختم رأيه بقوله «شعرك ساحر آسر وعاطر ناضر.»
هدى السعدي تشرب من دم عنترةالشاعرة
هدى السعدي (من الإمارات) قرأت قصيدة بعنوان «هذا دمي» قال عنها نايف
الرشدان «نص جميل في لغته وإيقاعه.»، وأشار إلى بنية التكرار، وبنية
الحذف، وبنية الإيجاز التي كثفت الرؤية، كما أشار إلى الروح القوية
الإبداعية التي تحملها الشاعرة بين جنبيها.
د. صلاح فضل قال للشاعرة «شربتِ دم عنترة في هذه القصيدة، وشربتِ شعره،
وحولتِ مسار كلماته، وتوحدتِ مع عبلة، وهذه شجاعة فكرية وشعرية، ولكنها
شجاعة تخييلية.»، وأضاف «سرتْ إلى كلماتك فحولة عنترة.»
د. علي بن تميم قال للشاعرة «كنتُ أتمنى أن تستدعي عنترة لشأن ذاتي.»،
وأشار إلى حضور للجسد في هذا النص، الجسد بوصفه يؤسس لصراع القوى. وأضاف
«أن هناك طريقة مباشرة في التوجه للآخر، وهي لعبة لغوية أكثر من كونها
لعبة شعرية.»
وقال د. عبدالملك مرتاض للشاعرة «شعرك جميل كقطر الندى.» وأضاف «يقوم
نصك على تقمص شخصية عبلة، وظللتِ متناصة مع معلقة عنترة إلى حد التضمين،
وعاطفتك جياشة كأنها بركان من الوجدان. أهنئك على هذا النص الكبير.»
غسان مسعود أشار إلى العلاقة المباشرة بين الشاعرة والصالة من خلال الإلقاء.
اقتراح جائزة جديدةوقبل
أن تنتقل الحلقة الثامنة إلى جزئها الثاني، قام الفنان الإماراتي مروان
محمد بغناء أبيات من قصيدة المتنبي الشهيرة «واحرَّ قلباه» والتي يقول
فيها:
doPoem()
وهو اتجاه يُشكر
عليه القائمون على المسابقة في اختياراتهم للفقرات الغنائية بما يتماشي أو
يساير أكبر مسابقة في شعر العربية الفصحى، فتكون الفقرات الغنائية أيضا من
نفس النوعية.
وقد أعرب الفنان مروان محمد عن اتجاهه المستقبلي لغناء هذا اللون من
القصائد بعد أن كاد يندثر، ولعلي اقترح على منظمي المسابقة أو على هيئة
أبوظبي للثقافة والتراث أن تضيف جائزة جديدة لجوائزها الضخمة في تلك
المسابقة، وهي أن تُغنى إحدى قصائد الشعراء الفائزين في المسابقة، بصوت
هذا الفنان المتميز المؤمن بغناء القصيدة الفصحى، واختار في ظهوره على
مسرح شاطئ الراحة إحدى أشهر قصائد سيد شعراء العربية المتنبي ليغنيها.
عمرو بن كلثوم يشارك بمعلقتهبعد
ذلك جاء موعدنا مع قصيدة المجاراة، وكانت مجاراة أو معارضة لأبيات من
معلقة عمرو بن هند، أو عمرو بن كلثوم، وكانت هاجر البريكي أول المعارضين
لقصيدة ابن هند، فجاءت معارضتها بعنوان «آخر هزائم بني تميم»، بينما قال
جاسم الصحيح قبل إلقاء معارضته «إنه في زمن الانكسار نقف بين يدي عمرو بن
كلثوم وهو سجين في قصيدته العاطلة عن العمل.»، أما هدى السعدي فقالت «لنا
العقبى.»، وعلق محمد قراطاس في قصيدته «كتاب الثأر» أننا توارثنا ثأر عمرو
بن هند، وفي إلقاء مؤثر ورائع ألقى تميم البرغوثي معارضته.
وقد علق د. صلاح فضل على تلك المعارضات قائلا بأن تميم البرغوثي سيرفع
راية الشعر الفلسطيني والعربي، وقال له «أومن معك أن الدهر قُلَّب، وأن
الحق مشتاق لكسر شوكة المعتدي.»، وعلق على معارضة قراطاس قائلا إن معارضتك
فيها من السماحة والرحمة، فأنت تعلي قيما حضارية جديدة. وقال لهدي السعدي
تكحلتِ بالضوء وتمخضتِ بالظلام، وهذا مسلك شعري جميل. ثم قال للصحيح فرحنا
أنك واصلت خطى قصيدة ابن كلثوم بعد أن كانت عاطلة كما تقول. وقال لهاجر
البريكي استطعت تعصير الأبيات القديمة، وتحويل مجراها في شئ من السخرية
والطلاقة الشعرية.
أما د. علي بن تميم فقال عن معارضة هاجر البريكي أن صوتها يعارض المجد الذكوري ولذلك فهي تتوجه للأرملة.
جاسم الصحيح
وعن معارضة الصحيح أوضح ابن تميم أنها تؤكد مفهوم الخيانة الإبداعية،
والوفاء للقصيدة فحسب، والمبدع هو من يستطيع أن يتجاوز قصيدة عمرو بن
كلثوم، ومع ذلك يدعو لقراءة الأسلاف. وعن معارضة هدى السعدي أوضح أنها
تنتقل بين الصوت الجماعي والصوت الفردي بوعي جميل، فمع الصوت الجماعي تقدم
عمرو بن كلثوم، ومع الصوت الفردي تحضر المرأة بجمالياتها الإبداعية.
وعن معارضة قراطاس قال إنه يعتز بثقافة القوة والذكورة عند عمرو بن
كلثوم، ومع ذلك يقاومه. وعن معارضة تميم البرغوثي أوضح أن يقدم منظورا
معكوسا، فلا نجد القوة، وإنما القتل في كل مكان، ووصفها بأنها مجاراة
ساخرة بارودية لمعلقة عمرو بن كلثوم.
د. عبدالملك مرتاض قال تمنينا أن نكون معكم شعراء في هذه الليلة،
فالقصيدة المعارضة من أجمل الشعر العربي على الإطلاق، وكانت المعارضات
جميلة أيضا.
وقال لهاجر البريكي نقلتِ المعارضة إلى واقعية تتحدث عن الخبز والوطن.
وقال لهدى السعدي نصك يحمل انبعاث الأمل وصوت التحدي الجميل، وقال لتميم
(بعد أن نعته بأنه تميم الجميل) أنت شاعر من وجهين، من النص ومن الإلقاء،
وفي معارضتك سخرية لاذعة من نكبات الدهر وصروف الزمن. إنه تصوير بديع لحال
الأمة.
ولمحمد قراطاس قال مرتاض معارضتك حداثية متجاوزة، ولجاسم الصحيح قال معارضتك تجسد وصفا لما آل إليه مصير الأمة.
بينما علق الفنان غسان مسعود فقال لهدى السعدي: أنت غير مشاكسة لعمرو،
ولهاجر البريكي قال: أخذتْ مجاراتك موضوعا معاصرا مهما وقدمت تفسيرا،
ولجاسم الصحيح: قراءتك كانت قراءة القوة وقراءة الضعف. ولتميم البرغوثي
قال: إن مجاراتك حلم مشتهى متمرد على التقليدية لموضوعات باتت مكرورة في
الشعر، أنت باختصار جديد.
أما نايف رشدان، فقال عن معارضة تميم «براعة في نص جميل يحمل قدرا
كبيرا على استيعاب التراثي والعصري. ثم أضاف «إذا كانت فلسطين جزءا من
عروبتنا، فاليوم أصبح العرب جزءا من فلسطين.»، وقال لجاسم الصحيح «استحضرت
متقاطعا مع عمرو بن كلثوم، لديك قوة معنى ومتانة سبك وقدرة شعرية فذة.»،
ثم قال لهاجر البريكي «يحمل نصك قدرا من لغة الحرب.»، ولقراطاس «تحمل على
كل الصور التي تحاول إضعاف الأمة.» ولمعارضة هدى السعدي أنها تحاول أن
تستعيد حقا مهضوما.
رحلتي مع «أمير الشعراء» في قصيدةوفي
نهاية الحلقة الثامنة أعلنت لجنة التحكيم عن آلية الحلقة التاسعة التي
تمثل المرحلة الثالثة من المسابقة، بأن يختار كل شاعر قصيدته الرئيسية
التي سيلقيها خلال أربع دقائق، ويقدم نصا إضافيا يصف فيه رحلته مع برنامج
«أمير الشعراء».
وعلى ذلك لن نجد في الحلقة القادمة فقرة المجاراة أو المعارضة الشعرية،
وسنستمع بدلا منها إلى رحلة المبدعين الستة إلى «أمير الشعراء»، ولكن هل
ستستمر استضافة شاعر من شعراء العربية القدامى، والتي كان نجمها في الحلقة
الثامنة أمير الشعراء الأندلسيين «ابن زيدون»، أم ستلغى هذه الفقرة؟
هذا ما سوف نراه في الحلقات القادمة من «أمير الشعراء».